كان تسامح المسلمين في طلب العلوم – لا سيّما علم الجغرافيا- من أسباب توسّع الحضارة في المجتمع الإسلامي. فعندما نسبر المصادر المتقدمة مستعينين بأسلوب وصفي تحليلي سوف يتبيّن لنا أنّ المسلمين ومنذ القرون الأولى استلهموا مبادئ الإسلام التي تحضّ على طلب العلم والمعرفة من الآخرين، وراحوا ينهلون من الإنجازات الحضارية لسائر الأمم المتحضّرة وفي مختلف ميادين العلم ومنها علم الجغرافيا، ونظرًا لحاجتهم الملحّة لهذا العلم، فقد بادروا إلى ترجمة أمهات الكتب القديمة في هذا العلم إلى اللغة العربية عن الحضارات العريقة آنذاك مثل اليونانية والفارسية. وتدلّل تلك الترجمات على سعة أفق المسلمين وتسامحهم ما أتاح لهم التعرّف على علم الجغرافيا بأسلوب جديد وعلمي، وقد حفّز ذلك لاحقًا على تدوين كتب قيّمة في هذا العلم عُدّت مفخرة للعالم الإسلامي. وعلى الرغم من أنّ تلك المؤلفات كانت متأثّرة إلى حدّ ما بالمعطيات والإنجازات العلمية للآخرين، لكنّ الجغرافيين المسلمين قدّمت إضافات جديدة ومهمة في مجالات عدّة، وأرست لأسس وأساليب مبتكرة، بل أحيانًا وضعت بعض العلوم السابقة تحت مجهر النقد والتحليل.
)